فصل: قال النسفي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال النسفي:

{يا أيُّها النبي إِذا طلّقْتُمُ النساء}
خص النبي صلى الله عليه وسلم بالنداء وعم بالخطاب لأن النبي إمام أمته وقدوتهم كما يقال لرئيس القوم يا فلان افعلوا كذا إظهارا لتقدمه واعتبارا لترؤسه وأنه قدوة قومه، فكان هو وحده في حكم كلهم وسادّا مسد جميعهم.
وقيل: التقدير يا أيها النبي والمؤمنون.
ومعنى {إِذا طلّقْتُمُ النساء} إذا أردتم تطليقهن وهممتم به على تنزيل المقبل على الأمر المشارف له منزلة الشارع فيه كقوله عليه السلام «من قتل قتيلا فله سلبه» ومنه: كان الماشي إلى الصلاة والمنتظر لها في حكم المصلي.
{فطلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ} فطلقوهن مستقبلات لعدتهن، وفي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم {في قبل عدتهن} وإذا طلقت المرأة في الطهر المتقدم للقرء الأول من أقرائها فقد طلقت مستقبلة لعدتها، والمراد أن تطلق المدخول بهن من المعتدات بالحيض في طهر لم يجامعهن فيه، ثم يخلين حتى تنقضي عدتهن وهذا أحسن الطلاق {وأحْصُواْ العدة} واضبطوها بالحفظ وأكملوها ثلاثة أقراء مستقبلات كوامل لا نقصان فيهن، وخوطب الأزواج لغفلة النساء.
{واتقوا الله ربّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنّ} حتى تنقضي عدتهن {مِن بُيُوتِهِنّ} من مساكنهن التي يسكنها قبل العدة وهي بيوت الأزواج، وأضيفت إليهن لاختصاصها بهن من حيث السكنى، وفيه دليل على أن السكنى واجبة، وأن الحنث بدخول دار يسكنها فلان بغير ملك ثابت فيما إذا حلف لا يدخل داره.
ومعنى الإخراج أن لا يخرجهن البعولة غضبا عليهن وكراهة لمساكنتهن أو لحاجة لهم إلى المساكن، وأن لا يأذنوا لهن في الخروج إذا طلبن ذلك إيذانا بأن إذنهم لا أثر له في رفع الحظر {ولا يخْرُجْن} بأنفسهن إن أردن ذلك {إِلاّ أن يأْتِين بِفاحِشةٍ مُّبيّنةٍ} قيل: هي الزنا أي إلا أن يزنين فيخرجن لإقامة الحد عليهن.
وقيل: خروجها قبل انقضاء العدة فاحشة في نفسه {وتِلْك حُدُودُ الله} أي الأحكام المذكورة {ومن يتعدّ حُدُود الله فقدْ ظلم نفْسهُ لا تدْرِى} أيها المخاطب {لعلّ الله يُحْدِثُ بعْد ذلِك أمْرا} بأن يقلب قلبه من بغضها إلى محبتها، ومن الرغبة عنها إلى الرغبة فيها، ومن عزيمة الطلاق إلى الندم عليه فيراجعها، والمعنى فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ولا تخرجوهن من بيوتهن لعلكم تندمون فتراجعون.
{فإِذا بلغْن أجلهُنّ} قاربن آخر العدة {فأمْسِكُوهُنّ بِمعْرُوفٍ أوْ فارِقُوهُنّ بِمعْرُوفٍ} أي فأنتم بالخيار إن شئتم فالرجعة والإمساك بالمعروف والإحسان، وإن شئتم فترك الرجعة والمفارقة واتقاء الضرار وهو أن يراجعها في آخر عدتها ثم يطلقها تطويلا للعدة عليها وتعذيبا لها {وأشْهِدُواْ} يعني عند الرجعة والفرقة جميعا، وهذا الإشهاد مندوب إليه لئلا يقع بينهما التجاحد {ذوى عدْلٍ مّنكُمْ} من المسلمين {وأقِيمُواْ الشهادة لله} لوجهه خالصا وذلك أن يقيموها لا للمشهود له ولا للمشهود عليه ولا لغرض من الأغراض سوى إقامة الحق ودفع الضرر {ذلكم} الحث على إقامة الشهادة لوجه الله ولأجل القيام بالقسط {يُوعظُ بِهِ من كان يُؤْمِنُ بالله واليوم الآخر} أي إنما ينتفع به هؤلاء {ومن يتّقِ الله يجْعل لّهُ مخْرجا} هذه جملة اعتراضية مؤكدة لما سبق من إجراء أمر الطلاق على السنة، والمعنى ومن يتق الله فطلق للسنة ولم يضار المعتدة ولم يخرجها من مسكنها واحتاط فأشهد {يجْعلِ الله لهُ مخْرجا} مما في شأن الأزواج من الغموم والوقوع في المضايق ويفرج عنه ويعطه الخلاص.
{ويرْزُقْهُ مِنْ حيْثُ لا يحْتسِبُ} من وجه لا يخطر بباله ولا يحتسبه، ويجوز أن يجاء بها على سبيل الاستطراد عند ذكر قوله: {ذلِكُمْ يُوعظُ بِهِ}.
أي ومن يتق الله يجعل له مخرجا ومخلصا من غموم الدنيا والآخرة.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأها فقال: «مخرجا من شبهات الدنيا ومن غمرات الموت ومن شدائد يوم القيامة».
وقال صلى الله عليه وسلم: «إني لأعلم آية لو أخذ الناس بها لكفتهم ومن يتق الله» فما زال يقرؤها ويعيدها.
ورُوي «أن عوف بن مالك أسر المشركون ابنا له فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أسر ابني وشكا إليه الفاقة فقال: ما أمسى عند آل محمد إلا مدّ فاتق الله واصبر وأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فعاد إلى بيته وقال لامرأته: إن رسول الله أمرني وإياك أن نستكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فقالت: نعم ما أمرنا به فجعلا يقولان ذلك، فبينما هو في بيته إذ قرع ابنه الباب ومعه مائة من الإبل تغفل عنها العدو فاستاقها فنزلت هذه الآية».
{ومن يتوكّلْ على الله} يكل أمره إليه عن طمع غيره وتدبير نفسه {فهُو حسْبُهُ} كافيه في الدارين {إِنّ الله بالغ أمْرِهِ} حفص أي منفذ أمره، غيره {بالغٌ أمره} أي يبلغ ما يريد لا يفوته مراد ولا يعجزه مطلوب {قدْ جعل الله لِكُلّ شيء قدْرا} تقديرا وتوقيتا، وهذا بيان لوجوب التوكل على الله وتفويض الأمر إليه، لأنه إذا علم أن كل شيء من الرزق ونحوه لا يكون إلا بتقديره وتوقيته لم يبق إلا التسليم للقدر والتوكل.
{واللائى يئِسْن مِن المحيض مِن نّسائِكُمْ} رُوي أن ناسا قالوا: قد عرفنا عدة ذوات الأقراء فما عدة اللائي لم يحضن؟ فنزلت {إِنِ ارتبتم} أي أشكل عليكم حكمهن وجهلتم كيف يعتددن {فعِدّتُهُنّ ثلاثة أشْهُرٍ} أي فهذا حكمهن.
وقيل: {إن ارتبتم} في دم البالغات مبلغ اليأس، وقد قدروه بستين سنة وبخمس وخمسين أهو دم حيض أو استحاضة فعدتهن ثلاثة أشهر، وإذا كانت عدة المرتاب بها فغير المرتاب بها أولى بذلك {واللائي لمْ يحِضْن} هن الصغائر وتقديره واللائي لم يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر فحذفت الجملة لدلالة المذكور عليها {وأولات الأحمال أجلُهُنّ} عدتهن {أن يضعْن حمْلهُنّ} والنص يتناول المطلقات والمتوفي عنهم أزواجهن.
وعن علي وابن عباس رضي الله عنهم: عدة الحامل المتوفي عنها زوجها أبعد الأجلين {ومن يتّقِ الله يجْعل لّهُ مِنْ أمْرِهِ يُسْرا} ييسر له من أمره ويحلل من عقده بسبب التقوى {ذلِك أمْرُ الله} أي ما علم من حكم هؤلاء المعتدات {أنزلهُ إِليْكُمْ} من اللوح المحفوظ {ومن يتّقِ الله} في العمل بما أنزله من هذه الأحكام وحافظ على الحقوق الواجبة عليه {يُكفّرْ عنْهُ سيئاته ويُعْظِمْ لهُ أجْرا} ثم بين التقوى في قوله: {ومن يتّقِ الله} كأنه قيل: كيف نعمل بالتقوى في شأن المعتدات؟ فقيل {أسْكِنُوهُنّ} وكذا وكذا {مِنْ حيْثُ سكنتُم} هي {من} التبعيضية مبعضها محذوف أي أسكنوهن مكانا من حيث سكنتم أي بعض مكان سكناكم {مّن وُجْدِكُمْ} هو عطف بيان لقوله: {مِنْ حيْثُ سكنتُم} وتفسير له كأنه قيل: أسكنوهن مكانا من مسكنكم مما تطيقونه والوجد: الوسع والطاقة.
وقرئ بالحركات الثلاث والمشهور الضم.
والنفقة والسكنى واجبتان لكل مطلقة، وعند مالك والشافعي لا نفقة للمبتوتة لحديث فاطمة بنت قيس أن زوجها أبت طلاقها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا سكنى لك ولا نفقة» وعن عمر رضي الله عنه: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة لعلها نسيت أو شبه لها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول «لها السكنى والنفقة» {ولا تُضارُّوهُنّ} ولا تستعملوا معهن الضرار {لِتُضيّقُواْ عليْهِنّ} في المسكن ببعض الأسباب من إنزال من لا يوافقهن أو يشغل مكانهن أو غير ذلك حتى تضطروهن إلى الخروج.
{وإِن كُنّ} أي المطلقات {أولات حمْلٍ} ذوات أحمال {فأنفِقُواْ عليْهِنّ حتى يضعْن حمْلهُنّ} وفائدة اشتراط الحمل أن مدة الحمل ربما تطول فيظن ظان النفقة تسقط إذا مضى مقدار عدة الحامل فنفي ذلك الوهم {فإِنْ أرْضعْن لكُمْ} يعني هؤلاء المطلقات إن أرضعن لكم ولدا من ظئرهن أو منهن بعد انقطاع عصمة الزوجية {فئاتُوهُن أُجُورهُن} فحكمهن في ذلك حكم الأظآر، ولا يجوز الاستئجار إذا كان الولد منهن ما لم يبن خلافا للشافعي رحمه الله {وأْتمِرُواْ بيْنكُمْ} أي تشاوروا على التراضي في الأجرة، أو ليأمر بعضكم بعضا، والخطاب للآباء والأمهات {بِمعْرُوفٍ} بما يليق بالسنة ويحسن في المروءة فلا يماكس الأب ولا تعاسر الأم لأنه ولدهما وهما شريكان فيه وفي وجوب الإشفاق عليه {وإِن تعاسرْتُمْ} تضايقتم فلم ترض الأم بما ترضع به الأجنبية ولم يزد الأب على ذلك {فستُرْضِعُ لهُ أخرى} فستوجد ولا تعوز مرضعة غير الأم ترضعه، وفيه طرف من معاتبة الأم على المعاسرة.
وقوله: {لهُ} أي للأب أي سيجد الأب غير معاسرة ترضع له ولده إن عاسرته أمه.
{لِيُنفِقْ ذُو سعةٍ مّن سعتِهِ ومن قُدِر عليْهِ رِزْقُهُ فلْيُنفِقْ مما ءاتاهُ الله} أي لينفق كل واحد من الموسر والمعسر ما بلغه وسعه يريد ما أمر به من الإنفاق على المطلقات والمرضعات، ومعنى {قُدِر عليْهِ رِزْقُهُ} ضيق أي رزقه الله على قدر قوته {لا يُكلّفُ الله نفْسا إِلاّ مآ ءاتاها} أعطاها من الرزق {سيجْعلُ الله بعْد عُسْرٍ يُسْرا} بعد ضيق في المعيشة سعة وهذا وعد لذي العسر باليسر.
{وكأيّن مّن قرْيةٍ} من أهل قرية {عتتْ} أي عصت {عنْ أمْرِ ربّها ورُسُلِهِ} أعرضت عنه على وجه العتو والعناد {فحاسبناها حِسابا شدِيدا} بالاستقصاء والمناقشة {وعذبناها عذابا نُّكْرا} {نُّكْرا} مدني وأبو بكر منكرا عظيما {فذاقتْ وبال أمْرِها وكان عاقبة أمْرِها خُسْرا} أي خسارا وهلاكا، والمراد حساب الآخرة وعذابها وما يذوقون فيها من الوبال ويلقون من الخسر.
وجيء به على لفظ الماضي لأن المنتظر من وعد الله ووعيده ملقى في الحقيقة وما هو كائن فكأن قد {أعدّ الله لهُمْ عذابا شدِيدا} تكرير للوعيد وبيان لكونه مترقبا كأنه قال: أعد الله لهم هذا العذاب {فاتقوا الله ياأولى الألباب الذين ءامنُواْ} فليكن لكم ذلك يا أولي الألباب من المؤمنين لطفا في تقوى الله وحذر عقابه، ويجوز أن يراد إحصاء السيئات واستقصاؤها عليهم في الدنيا وإثباتها في صحائف الحفظة وما أصيبوا به من العذاب في العاجل، وأن يكون {عتتْ} وما عطف عليه صفة للقرية و{أعدّ الله لهُمْ} جوابا ل {كأين} {قدْ أنزل الله إِليْكُمْ ذِكْرا} أي القرآن.
وانتصب {رسُولا} بفعل مضمر تقديره أرسل رسولا أو بدل من {ذِكْرا} كأنه في نفسه ذكرا وعلى تقدير حذف المضاف أي قد أنزل الله إليكم ذا ذكر رسولا، أو أريد بالذكر الشرف كقوله: {وإِنّهُ لذِكْرٌ لّك ولِقوْمِك} [الزخرف: 44] أي ذا شرف ومجد عند الله وبالرسول جبريل أو محمد عليهما السلام {يتْلُواْ} أي الرسول أو الله عز وجل {عليْكُمْ ءايات الله مبينات لّيُخْرِج} الله.
{الذين ءامنُواْ وعمِلُواْ الصالحات} أي ليحصل لهم ما هم عليه الساعة من الإيمان والعمل الصالح، أو ليخرج الذين علم أنهم يؤمنون {مِن الظلمات إِلى النور} من ظلمات الكفر أو الجهل إلى نور الإيمان أو العلم {ومن يُؤْمِن بالله ويعْملْ صالحا يُدْخِلْهُ} وبالنون: مدني وشامي {جنات تجْرِى مِن تحْتِها الأنهار خالدين فِيها أبدا} وحد وجمع حملا على لفظ {من} ومعناه {قدْ أحْسن الله لهُ رِزْقا} فيه معنى التعجب والتعظيم لما رزق المؤمنين من الثواب {الله الذي خلق} مبتدأ وخبر {سبْع سماوات} أجمع المفسرون على أن السماوات سبع {ومِن الأرض مِثْلهُنّ} بالنصب عطفا على {سبْع سموات} قيل: ما في القرآن آية تدل على أن الأرضين سبع إلا هذه الآية، وبين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام وغلظ كل سماء كذلك، والأرضون مثل السماوات.
وقيل: الأرض واحدة إلا أن الأقاليم سبعة {يتنزّلُ الأمر بيْنهُنّ} أي يجري أمر الله وحكمه بينهن وملكه ينفذ فيهن {لّتعْلمُواْ أنّ الله على كُلّ شيء قدِيرٌ} اللام يتعلق بـ: {خُلِق} {وأنّ الله قدْ أحاط بِكُلّ شيء عِلْما} هو تمييز أو مصدر من غير لفظ الأول أي قد علم كل شيء علما وهو علام الغيوب. اهـ.

.قال ابن جزي:

سورة الطلاق:
{يا أيها النبي إِذا طلّقْتُمُ النساء}
إن قيل: لم نودي النبي صلى الله عليه وسلم وحده ثم جاء بعد ذلك خطاب الجماعة؟ فالجواب: أنه لما كان حكم الطلاق يشترك فيه النبي صلى الله عليه وسلم وأمته، قيل: إن {طلقتم} خطابا له ولهم، وخُصّ هو عليه الصلاة والسلام بالنداء تعظيما له، كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم: يا فلان افعلوا، أي: افعل أنت وقومك، ولأنه عليه الصلاة والسلام هو المبلغ لأمته، فكأنه قال: يا أيها النبي إذا طلقت أنت وأمتك. وقيل: تقديره يا أيها النبي قل لأمتك إذ قطلتم.
وهذا ضعيف لأنه يقتضي أن هذا الحكم مختص بأمته دونه.
وقيل: إنه خوطب النبي صلى الله عليه وسلم بطلقتم تعظيما له، كما تقول للرجل المعظم: أنتم فعلتم.
وهذا أيضا ضعيف، لأنه يقتضي اختصاصه عليه الصلاة السلام بالحكم دون أمته.
ومعنى إذا طلقتم هنا: إذا أردتم الطلاق.
واختلف في الطلاق هل هو مباح أو مكروه؟
فأما إذا كان على غير وجه السنة فهو ممنوع. ولكن يلزم.
وأما اليمين بالطلاق فممنوع {فطلِّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ} تقديره: طلقوهن مستقبلات لعدتهن، ولذلك قرأ عثمان وابن عباس وأبيّ بن كعب: {فطلقوهن في قبل عدتهن}، وقرأ ابن عمر: {لقبل عدتهن}، ورويت القرءاتان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومعنى ذلك كله: لا يطلقها وهي حائض، فهو منهي عنه بإجماع، لأنه إذا فعل ذلك لم يقع طلاقه في الحال التي أمر الله بها وهو استقبال العدة.
واختلف في النهي عن الطلاق في الحيض هل هو معلل بتطويل العدة، أو هو تعبد؟ والصحيح أنه معلل بذلك.
وينبني على هذا الخلاف فروع منها: هل يجوز إذا رضيت به المراة أم لا؟ ومنها: هل يجوز طلاقها وهي حامل أم لا؟ ومنها: هل يجوز طلاقها قبل الدخول وهي حائض أم لا؟ فالتعليل بتطويل العدّة يقتضي جواز هذه الفروع، والتعبد يقتضي المنع، ومن طلق في الحيض لزمه الطلاق، ثم يؤمر بالرجعة على وجه الإجبار عند مالك، وبدون إجبار عند الشافعي حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك، حسبما ورد في حديث ابن عمر، «حين طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له: مرة فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر؛ ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك» واشترط مالك أن يطلقها في طهر لم يمسها فيه، ليعتد بذلك الطهر، فإنه إن طلقها في طهر بعد أن جامعها فيهن فلا تدري هل تعتد بالوضع أو بالأقراء، فليس طلاقا لعدتها كما أمر الله {وأحْصُواْ العدة} أمر بذلك لما ينبني عليها من الأحكام، في الرجعة والسكنى والميراث وغير ذلك.
{لا تُخْرِجُوهُنّ مِن بُيُوتِهِنّ ولا يخْرُجْن} نهى الله سبحانه وتعالى أن يخرج الرجل المراة المطلقة من المسكن الذي طلقها فيه، ونهاها هي أن تخرج باختيارها، فلا يجوز لها المبيت خارجا عن بيتها ولا أن تغيب عنه نهارا إلا لضرورة التصرف، وذلك لحفظ النسب وصيانة المرأة، فإن كان المسكن ملكا للزوج، أو مكترى عنده، لزمه إسكانها فيه، وإن كان المسكن لها فعليه كراؤه مدة العدة، وإن كانت قد أمتعته فيه مدة الزوجية؛ ففي لزوم خورج العدة له قولان في المذهب والصحيح لزومه؛ لأن الامتناع قد انقطع بالطلاق {إِلاّ أن يأْتِين بِفاحِشةٍ مُّبيِّنةٍ} اختلف في هذه الفاحشة التي أباحت خروج المعتدة ما هي؟ على خمسة أقوال:
الأول أنها الزنا فتخرج لإقامة الحدّ، قاله الليث بن سعد والشعبي.
الثاني أنه سوء الكلام مع الأصهار فتخرج ويسقط حقها من السكنى، ويلزمها الإقامة في مسكن تتخذه حفظا للنسب، قاله ابن عباس ويؤيده قراءة أبي بن كعب، {إلا أن يفحشن عليكم}.
الثالث أنه جميع المعاصي من القذف والزنا والسرقة وغير ذلك، فمتى فعلت شيئا من ذلك سقط حقها في السكنى، قاله ابن عباس أيضا وإليه مال الطبري.
الرابع: أنه الخروج عن بيتها خروج انتقال فمتى فعلت ذلك سقطت حقها في السكنى قاله ابن الفرس، وإلى هذا ذهب مالك في المرأة إذا نشزت في العدة.
الخامس: أنه النشوز قبل الطلاق، فإذا طلقها بسبب نشوزها فلا يكون عليه سكنى، قاله قتادة.
{لا تدْرِى لعلّ الله يُحْدِثُ بعْد ذلِك أمْرا} المراد به الرجعة عند الجمهور، أي أحصوا العدة وامتثلوا ما أمرتم به، لعل الله يحدث الرجعة لنسائكم.
وقيل: إن سبب الرجعة المذكورة في الآية تطليق النبي صلى الله عليه وسلم لحفصة بن عمر فأمره الله بمراجتها.
{فإِذا بلغْن أجلهُنّ فأمْسِكُوهُنّ بِمعْرُوفٍ أوْ فارِقُوهُنّ بِمعْرُوفٍ} يريد آخر العدة، والإمساك بمعروف هو: تحسين العشرة وتوفية النفقة، والفراق بالمعروف هو: أداء الصداق والإمتاع حين الطلاق والوفاء بالشروط ونحو ذلك {وأشْهِدُواْ ذوىْ عدْلٍ مِّنكُمْ} هذا خطاب للأزواج، والمأمور به هو الإشهاد على الرجعة عند الجمهور، وقد اختلف فيه هل هو واجب أو مستحب؟ على قولين في المذهب.
وقال ابن عباس: هو الشهادة على الطلاق وعلى الرجعة، وهذا أظهر لأن الإشهاد به يرفع الإشكال والنزاع، ولا فرق في هذا بين الرجعة والطلاق، وقد ذكرنا العدالة في البقرة وقوله: {ذوىْ عدْلٍ} يدل على إنه إنما يشهد في الطلاق والنكاح الرجال دون النساء، وهو مذهب مالك. خلافا لمن أجاز شهادة النساء في ذلك.
وقوله: {مِّنكُمْ} يريد من المسلمين، وقيل: من الأحرار فيؤخذ من ذلك ردّ شهادة العبيد، وهو مذهب مالك {وأقِيمُواْ الشهادة لله} هذا خطاب للشهود، وإقامة الشهادة يحتمل أن يريد بها القيام، فإذا استشهد وجب عليه أن يشهد وهو فرض كفاية، وإلى هذا المعنى أشار ابن الفرس ويحتمل أن يريد إقامتها بالحق دون ميل ولا غرض، وبهذا فسره الزمخشري وهو أظهر لقوله: {لله} وهو كقوله: {كُونُواْ قوامين بالقسط} شهداء لله [النساء: 135] {ذلِكُمْ} إشارة إلى ما تقدم من الأحكام.
{ومن يتّقِ الله يجْعل لّهُ مخْرجا} قيل إنها في الطلاق، ومعناها: {من يتق الله} فيطلق طلقة واحدة، حسبما تقتضيه السنة {يجعل له مخرجا} بجواز الرجعة متى ندم على الطلاق،
وفي هذا المعنى روي عن ابن عباس أنه قال لمن طلق ثلاثا: إنك لم تتق الله فبانتْ منك امرأتُك، ولا أرى لك مخرجا أي لا رجعة لك. وقيل: إنها على العموم أي من يتق الله في أقواله وأفعاله يجعل له مخرجا، من كرب الدنيا والآخرة، وقد روي هذا أيضا عن ابن عباس، وهذا أرجح لخمسة أوجه:
أحدها حمل اللفظ على عمومه فيدخل في ذلك الطلاق وغيره.
الثاني أنه روي أنها نزلت في عوف بن مالك الأشجعي، وذلك أنه أسر ولده وضيق عليه رزقه، فشكى ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالتقوى، فلم يلبث إلا يسيرا وانطلق ولده ووسع الله رزقه.
والثالث أنه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأها فقال: «مخرجا من شبهات الدنيا، ومن غمرات الموت، ومن شدائد يوم القيامة».
والرابع روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إني لأعلم آية لو أخذ الناس بها لكفتهم {ومن يتق الله يجعل له مخرجا} الآية. فما زال يقرؤها ويعيدها».
الخامس قوله: {ويرزقه من حيث لا يحتسب} فإن هذا لا يناسب الطلاق وإنما يناسب التقوى على العموم.
قال بعض العلماء: الرزق على نوعين؛ رزق مضمون لكل حي طول عمره، وهو الغذاء الذي تقوم به الحياة وإليه الإشارة بقوله: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها}، ورزق موعود للمتقين خاصة، وهو المذكور في هذه الآية: {ومن يتوكّلْ على الله فهُو حسْبُهُ} أي كافية بحيث لا يحتاج معه إلى غيره، وقد تكلمنا على التوكل في آل عمران.
{إِنّ الله بالِغُ أمْرِهِ} أين يبلغ ما يريد ولا يعجزه شيء، هذا حض على التوكل وتأكيد له، لأن العبد إذا تحقق أن الأمور كلها بيد الله توكل عليه وحده ولم يعوّل على سواه {قدْ جعل الله لِكُلِّ شيْءٍ قدْرا} أي مقدارا معلوما ووقتا محدودا.
{واللائي يئِسْن مِن المحيض مِن نِّسآئِكُمْ إِنِ ارتبتم فعِدّتُهُنّ ثلاثةُ أشْهُرٍ} روي أنه لما نزل قوله: {والمطلقات يتربّصْن بِأنْفُسِهِنّ ثلاثة قرواء} [البقرة: 228] قالوا: يا رسول الله فما عدة من لا قُرْء لها من صغر أو كبر؟ فنزلت هذه الآية معلمة أن المطلقة إذا كانت ممن لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر، فقوله: {واللائي يئِسْن مِن المحيض}: يعني انقطعت حيضتها لكبر سنها، وقوله: {واللائي لمْ يحِضْن} يعني الصغيرة التي لم تبلغ المحيض وهو معطوف على {اللائي يئسن} أو مبتدأ وخبره محذوف تقديره واللائي لم يحضن كذلك.
وقوله: {إِنِ ارتبتم} هو من الريب بمعنى الشك وفي معناه قولان:
أحدهما: {إن ارتبتم} في حكم عدتها فاعلموا أنها ثلاثة أشهر.
والآخر {إن ارتبتم} في حيضها هل انقطع أو لم ينقطع.
فهي على التأويل الأول في التي انقطعت حيضتها لكبر سنها حسبما ذكرنا وهو الصحيح.
وهي على التأويل الثاني في المرتابة وهي التي غابت عنها الحيضة وهي في سن من تحيض.
وقد اختلف العلماء في عدتها على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها ثلاثة أشهر خاصة حسبما تقتضيه الآية على هذا التأويل.
والآخر: أنها ثلاثة أشهر بعد تسعة أشهر تستبرئ بها أمد الحمل وهذا مذهب مالك؛ وقدوته في ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
والثالث: أنها تعتد بالأقراء ولو بقيت ثلاثين سنة حتى تبلغ سن من لا تحيض وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة.
{وأُوْلاتُ الأحمال أجلُهُنّ أن يضعْن حمْلهُنّ} هذه الآية عند مالك والشافعي وأبي حنيفة وسائر العلماء عامة في المطلقات والمتوفى عنهن، فمتى كانت إحداهن حاملا فعدتها وضع حملها.
وقال علي بن أبي طالب وابن عباس إنما هذه الآية في المطلقات الحوامل فهي اللاتي عدتهن وضع حملهن.
وأما المتوفى عنها إذا كانت حاملا فعدتها عندهما أبعد الأجلين؛ إما الوضع أو انقضاء الأربعة الأشهر وعشرا.
فحجة الجمهور حديث سبيعة الأسلمية «أنها كانت زوجا لسعد بن خولة فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حبلى، فلما وضعت خطبها أبو السنابل بن بعكك، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: انكحي ما شئت».
وقد ذكر أن ابن عباس رجع إلى هذا الحديث لما بلغه ولو بلغ عليا رضي الله عنه لرجع إليه، وقال عبد الله بن مسعود: إن هذه الآية التي نزلت في سورة النساء القصوى يعني سورة الطلاق نزلت بعد الآية التي في البقرة: {والذين يُتوفّوْن مِنكُمْ ويذرُون أزْواجا يتربّصْن بِأنْفُسِهِنّ أرْبعة أشْهُرٍ وعشْرا} [البقرة: 234] فهي مخصصة لها حسبما قاله جمهور العلماء.
{أسْكِنُوهُنّ مِنْ حيْثُ سكنتُم} أمر الله بإسكان المطلقة طول العدة، فأما المطلقة غير المبتوتة فيجب لها على زوجها السكنى والنفقة باتفاق، وأما المبتوتة ففيها ثلاثة أقوال: أحدها: أنها تحب لها السكنى دون النفقة، وهو مذهب مالك والشافعي.
والثاني: يجب لها السكنى والنفقة وهو مذهب أبي حنيفة.
والثالث: أنها ليس لها سكنى ولا نفقة، فحجة مالك حديث فاطمة بنت قيس، وهو أن زوجها طلقها البتة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس لك عليه نفقة»، فيوخذ من هذا أن لها السكنى دون النفقة، وحجة من أوجب لها السكنى قول عمر بن الخطاب: لا ندع آية من كتاب ربنا لقول امرأة. إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «لها السكنى والنفقة»، وحجة من لا يجعل لها لا سكنى ولا نفقة أن في بعض الروايات عنها أنها قالت: لم يجعل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم نفقة ولا سكنى.
وقوله: {مِنْ حيْثُ سكنتُم} معناه: أسكنوهن مكانا من بعض مساكنكم، فـ: {من} للتبعيض، ويفسر ذلك قول قتادة: لو لم يكن له إلا بيت واحد أسكنها في بعض جوانبه {مِّن وُجْدِكُمْ} الوجد هو الطاقة والسعة في المال فالمعنى: أسكنوهن مسكنا مما تقدرون عليه، وإعرابه عطف بيان لقوله: {حيث سكنتم}، ويجوز في الوجد ضم الواو وفتحها وكسرها وهو بمعنى واحد، والضم أكثر وأشهر.
{وإِن كُنّ أُوْلاتِ حمْلٍ فأنفِقُواْ عليْهِنّ حتى يضعْن حمْلهُنّ} اتفق العلماء على وجوب النفقة في العدة للمطلقة الحامل عملا بهذه الآية؛ سواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا، واتفقوا على أن للمطلقة غير الحامل النفقة في العدة إذا كان الطلاق رجعيا، فإن كان بائنا فاختلفوا في نفقتها حسبما ذكرناه.
وأما المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا فلا نفقة لها عند مالك والجمهور، لأنهم رأوا هذه الآية إنما هي في المطلقات، وقال قوم: لها النفقة في التركة {فإِنْ أرْضعْن لكُمْ فآتُوهُنّ أُجُورهُنّ} المعنى إن أرضع هؤلاء الزوجات المطلقات أولادكم فآتوهن أجرة الرضاع، وهي النفقة وسائر المؤن حسبما ذكر في كتب الفق.
{وأْتمِرُواْ بيْنكُمْ بِمعْرُوفٍ} هذا خطاب للرجال والنساء، والمعنى أن يأمر كل واحد صاحبه بخير من المسامحة والرفق والإحسان، وقيل: معنى {ائتمروا} تشاوروا ومنه: {إِنّ الملأ يأْتمِرُون بِك} [القصص: 20].
{وإِن تعاسرْتُمْ فستُرْضِعُ لهُ أخرى} المعنى إن تشططت الأم على الأب في أجرة الرضاع، وطلبت منه كثيرا، فللأب أن يسترضع لولده امرأة أخرى بما هو أرفق له، إلا أن لا يقبل الطفل غير ثدي أمه، فتجبر حينئذ على رضاعه بأجرة مثلها ومثل الزوج.
{لِيُنفِقْ ذُو سعةٍ مِّن سعتِهِ} أمر بأن ينفق كل واحد على مقدار حاله، ولا يكلف الزوح ما لا يطيق، ولا تُضيّع الزوجة بل يكون الحال معتدلا. وفي الآية دليل على أن النفقة تختلف باختلاف أحوال الناس، وهو مذهب مالك خلافا لأبي حنيفة فإنه اعتبر الكفاية، ومن عجز عن نفقة امرأته فمذهب مالك والشافعي أنها تطلق عليه خلافا لأبي حنيفة، وإن عجز عن الكسوة دون النفقة ففي التطليق عليه قولان في المذهب.
{فحاسبْناها حِسابا شدِيدا} أي حاسبنا أهلها قيل: يعني الحساب في الآخرة، وكذلك العذاب المذكور بعده، وقيل: يعني في الدنيا وهذا أرجح لأنه ذكر عذاب الآخرة بعد ذلك في قوله: {أعدّ الله لهُمْ عذابا شدِيدا} [الطلاق: 10]، أو لأن قوله: {فحاسبْناه} {وعذّبْناها} بلفظ الماضي فهو حقيقة فيما وقع، مجاز فيما لم يقع، فمعنى {حاسبناها} أي آخذناهم بذنوبهم ولم يغتفر لهم شيء من صغائرها، والعذاب هو عقابهم في الدنيا، والنكر هو الشديد الذي لم يعهد مثله.
{قدْ أنزل الله إِليْكُمْ ذِكْرا رّسُولا} الذكر هنا هو القرآن، والرسول هو محمد صلى الله عليه وسلم، وإعراب {رسولا} {مفعول} بفعل مضمر تقديره: أرسل رسولا. وهذا الذي اختاره ابن عطية وهو أظهر الأقوال.
وقيل: إن الذكر والرسول معا يراد بهما القرآن، والرسول على هذا بمعنى الرسالة، وقيل: إنهما يراد بهما القرآن على حذف مضاف تقديره ذكرا ذا رسول.
وقيل: {رسولا} مفعول بالمصدر الذي هو الذكر.
وقال الزمخشري: الرسول هو جبريل بدل من الذكر، لأنه نزل به أو سمى ذكرا لكثرة ذكره لله، وهذا كله بعيد.
{ومِن الأرض مِثْلهُنّ} لا خلاف أن السموات سبع، وأما الأرض فاختلف فيها فقيل: إنها سبع أرضين لظاهر هذه الآية، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من غصب شبرا من أرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين».
وقيل: إنما هي واحدة فقوله: {مِثْلهُنّ} على القول الأول يعني به المماثلة في العدد، وعلى القول الثاني: يعني به المماثلة في عظم الجرم وكثرة العمار وغير ذلك، والأول أرجح {يتنزّلُ الأمر بيْنهُنّ} يحتمل أن يريد بالأمر الوحي أو أحكام الله وتقديره لخلقه. اهـ.